بعد (50) عاماً من جلاء المستعمر البريطاني.. الهم الوطني لماذا ليس واحداً..؟ سياسيون يجيبون (تقرير خاص)

يأتي العيد الخمسون والشعب اليمني يعاني من تبعات المستعمر, الذي لم تنته ممارساته على أرض الواقع, فالمحافظات اليمنية تشهد انقلاباً على الجمهورية والمكتسبات, التي ناضل من أجلها الأحرار, وحققوا ثورتهم الـ(26 من سبتمبر, و14 من أكتوبر) لتتوج بنوفمبر, الذي أخذ فيه المستعمر عصاته, ورحل, تاركاً اليمنيين عقوداً من الصراعات وعدم الاستقرار السياسي, وإن حققوا منجزات كبيرة كالوحدة اليمنية, لكنها كما تبدو لم تكن على أسس متينة.
مع ذلك يتفق كثير من اليمنيين بأن الثلاثين من نوفمبر, يوم خروج المستعمر البريطاني من جنوب اليمن في العام 1967م, علامة فارقة في تاريخ اليمني المعاصر, والاحتفاء به تذكير بواحدية الأرض والإنسان, ناهيك عن البعد الوطني الذي تجسد بنضالات اليمنيين شمالاً وجنوباً, فكان النضال ليس حكراً على أحد فعدن منذ اللحظات الأولى وقفت مع صنعاء, وكذلك تعز, التي انطلق منها الكفاح المسلح, ففيها بدأت الجبهة القومية ترتيب صفوفها, لتنطلق أولى رصاصاتها على المستعمر في كل مدن الجنوب, ومنها أي من تعز, أصدر عبدالله باذيب صحيفته المقاومة "الطليعة" وفيها أينعت أحلام قحطان الشعبي وغيرهم من الرعيل الأول من المناضلين, قد نتحدث أيضاً عن شخصيات كان لها باع طويل في مقارعة بريطانيا, الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس, كانوا من هذه المحافظة, كعبدالفتاح إسماعيل وعبود كأنموذج.
في هذا التقرير يسرد سياسيون ومثقفون لـ"مُسند للأنباء" عن أهمية الاحتفاء بعيد الاستقلال, وكيف يمكن استلهام بطولات الأحرار والمناضلين للتأسيس لوطن قوي يعيش في ظله الجميع دون إقصاء أو تهميش, وهل الهم الوطني ما زال واحداً كما كان في تلك الفترة..؟   تتويج لمسار نضالي طويل في البداية القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة تعز أبوبكر الشرجبي يرى بأن الاستقلال جاء تتويجاً لمسار نضالي وطني طويل وشاق خاضه أبناء شعبنا ضد المستعمر البريطاني فلم يخضع شعبنا أو يستكين في أي وقت من الأوقات بل قاوم ببسالة الاحتلال البريطاني منذ اول وهلة.. متذكراً طرق بريطانيا للسيطرة على الجنوب اليمني من خلال سياستها فقد أوجدت لها أعواناً قدموا التسهيلات في بسط السيطرة الاستعمارية, على اليمن ونهب ثرواته واستغلال مقدراته وتوظيف الموقع الجغرافي والممر المائي المهم الذي تطل عليه عدن لصالح الشركات الكبرى والمصالح الأجنبية.   استلهام للدروس عن ما يهمنا اليوم في الذكرى الـ50 من عيد الاستقلال يقول الشرجبي هو كيفية استلهام واستخلاص الدروس من أجل صنع مستقبل مشرق لليمنيين في الجنوب وفي الشمال, إذ يجب الاستزادة من الرصيد النضالي التاريخي وثراء التجارب السابقة في مناهضة المشاريع الصغيرة والظلامية التي تظهر اليوم في حالة الارتداد الوطني المريع عن مكتسبات سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وفبراير.. فاليمنيون كما يؤكد الشرجبي هم أمام تحديات كبيرة ومهام جسيمة منها دحر الانقلاب ونبذ التعصب والتطرف والخطاب الإعلامي النزق والعمل على تعزيز القواسم المشتركة, إضافة إلى التأكيد على دعم ومساندة الشرعية الدستورية التوافقية.   هم وطني واحد يحمله الجميع رئيس الدائرة السياسية في حزب الإصلاح بتعز يبدأ حديثه بلقاء جمع مناضلين من الشمال وفي الجنوب في العام  1961م في العاصمة المصرية القاهرة, وهو لقاء يدلل على الهم الوطني الوحد وهم: أحمد محمد نعمان ومحمد محمود الزبيري, وقحطان محمد الشعبي ومحسن العيني, وذلك لتدارس أوضاع اليمن شمالاً وجنوباً, وأوضاع الحركة الوطنية على مستوى الساحة اليمنية بصورة عامة, وقد كلف المناضل قحطان الشعبي بتقديم تحليل شامل بتلك الأوضاع من وضع مقترحات محددة حول قيام تنظيم سياسي لليمن شمالاً وجنوباً.. وقام قحطان الشعبي بإعداد التقرير وقدم للمذكورين ومما جاء فيه "إن الحل العملي لا يمكن إلا في قيام جبهة في إقليم اليمن, فتلك هي الطريق السليمة لوحدة الصف الوطني, ولخوض المعركة ضد الحكم الكهنوتي في الشمال والانجلوسلاطيني في الجنوب حتى النصر.   فالهم في الشأن اليمني كما يقول المقرمي لم يكن هماً مجزءاً أو منفصلاً عن بعضه, وإنما كان هماً واحداً ويأخذ بعداً وطنياً شاملاً, لا تقيده نزعة جهوية ولا جغرافية, ولا يكبله غرور أسري أو فئوي, فالعمالقة لا يتقزمون والأقزام لا يحققون أهدافهم المريضة إلا بحبل من الله وحبل من قيام ثورة سبتمبر كان قحطان الشعبي المستشار السياسي لرئيس الجمهورية لشئون جنوب اليمن المحتل كما دخل الحكومة وزيراً للزراعة.   المساهمة في الإعداد لثورة 14 أكتوبر ويواصل أحمد عبدالملك سرده للأحداث قبل الاستقلال بأن قحطان كان مستشاراً لرئيس الجمهورية في الشمال لشؤون الجنوب اليمني المحتل, ويقول القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري سابقاً في مذكراته, ( وقد قدم إلينا الاستاذ قحطان الشعبي في المجلس التنفيذي "يقوم مقام مجلس الوزراء" دراسة مطولة عن أوضاع الجنوب بعد أن أقام الاستعمار البريطاني دولة الاتحاد وأصبح يحاول ضم ولاية عدن إلى الاتحاد..) ويصف القاضي الإرياني الدراسة بأنها جيدة وملمة بتاريخ مرحلة من مراحل النضال في عدن وتؤكد التمسك بوحدة القطر اليمني شماله وجنوبه المحتل.. وقد طلب من حكومة الشمال العمل على توحيد القوى الوطنية العاملة في الجنوب المتحدة من الأهداف والغايات وجعل على رأس هذه القوى المناضلين من قطاع القبائل والضباط والجنود الذين كانوا في جيش الاتحاد والذين سرحوا من الجيش لعملهم ضد المستعمر, وحزب الشعب الاشتراكي, والمؤتمر العمالي, ثم حركة القوميين العرب, التي ينتمي إليها قحطان..

  البعد البشري والجغرافي ويرى المقرمي بأن قيام الثورة وإسقاط الحكم الكهنوتي في الشمال إيذاناً لقيام ثورة في الجنوب كنتيجة حتمية تلبي حاجات وأهداف اليمنيين التي كانت تعتمل في كل الأوساط اليمنية, لا يعني هذا أن الشطر الجنوبي لم يشهد انتفاضات وثورات ضد الاستعمار قبل 14 أكتوبر مثلما شهد الشطر الشمالي حركات وثورات ضد الحكم الكهنوتي قبل سبتمبر ولكن أصبح اليوم هناك ظهراً وسنداً فاعلاً للثورة, فغالب بن راجح لبوزة.. كبعد بشري وجغرافي, انتقل مع مجاميع معه ومجاميع أخرى انطلقت من عدن ومن غيرها من المناطق الجنوبية للقتال في الشمال دفاعاً عن الثورة والجمهورية ليعود لبوزة بعد عام لتكون الـ 14 من أكتوبر 1963م بقيادة الجبهة القومية..    لون فريد عن ذلك يقول الدكتور أمين الكوشاب المستشار في جامعة تعز بأن  الكفاح اليمني في سبتمبر وأكتوبر توجته الإرادة اليمنية باستقلال الثلاثين من نوفمبر 1967م كان لوناً فريداً من البطولات والتضحيات التي سطرها الكبار والصغار والرجال والنساء فقضّوا بها مضاجع المحتل, وطاردوه في الجبال الوعرة والوديان السحيقة, وفي كل شوارع عدن ومدن جنوب اليمن, بل واقتصوا من جنرالات الإنجليز ورجال مخابراتهم, ومكاتبهم المحمية, وحتى داخل غرف نومهم, حتى استحالت المقاومة اليمنية كابوساً لا سبيل للتخلص من فزعه غير الفرار إلى لندن بعيداً عن جحيم, الغضب اليمني, الذي ثار من أجل حريته ولسان حاله يقول إن طريق الاستقلال يجب أن تمهده الدماء.   زعامة روحية ويضيف الكوشاب بأن كفاح اليمنيين ضد المستعمر, اشترك فيه أئمة المساجد والدعاة والخطباء والناشطين أبرزهم محمد سالم البيحاني والعلامة عبدالله الشاطري ومحمد أحمد النعمان والزبيري وغيرهم ممن كانت لهم زعامة روحية تنطلق من وسطية عميقة ومن مشاعر وطنية صادقة للمجتمع كافة صبغتها ثقافة دينية معتدلة تعالت عن إدارة هموم الحياة ومتطلباتها شاخصة أبصارها إلى تقوية عزيمة الثوار وحثهم على الكفاح ضد المستعمر.

مصدر هذا الخبر وقع محافظة الحديدة:
https://yemen-online.club
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://yemen-online.club/?no=66548