
توقع خبراء اقتصاديون يمنيون استمرار التدهور الحاد في سعر العملة اليمنية (الريال) مقابل العملات الأجنبية في الفترة المقبلة، ما ينذر بأوضاع معيشية أشد وأقسى تصل إلى حدود الكارثة، في ظل عجز السلطات القائمة عن ممارسة أي دور يمكنه إيقاف التدهور الحاد والمتسارع الذي سجله سعر الريال مقابل الدولار الأمريكي، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، حيث تجاوز 410 ريالات مقابل الدولار، في حين كان 375 ريالا مقابل دولار في مستهل الشهر نفسه.
وحاليا فإن الريال يقبع عند إدنى مستوى له منذ بدء الحرب في اليمن عام 2015.
وأرجع المحلل الاقتصادي اليمني رضوان الهمداني في تصريح لصحيفة (القدس العربي) هذا الانهيار المتواصل لأسعار العملة اليمنية إلى عدة أسباب، أهمها بشكل عام شحة التدفقات النقدية الأجنبية إلى اليمن بسبب تعثر صادرات النفط والغاز، والشلل الذي أصاب قطاع السياحة، وتوقف التدفقات الأخرى من ضمنها المساعدات والمنح الخارجية.
وقال «إن الأسوأ من كل ذلك هو لجوء الحكومة إلى أساليب تضخميه لتغطية العجز في الإيرادات، والمتمثلة في طباعة المزيد من الريالات مما أدى إلى تآكل قيمة العملة المحلية.
وأضاف «ولمواجهة هذه الكارثة يُتطلب من الحكومة، قبل أي عملية إصدار نقدي محلي، أن تضخ كمية كافية من النقد الأجنبي إلى الأسواق لتوفر حاجتها من العملات الصعبة وللحد من المضاربات في السوق السوداء».
وحسب الهمداني فإن هذا الخيار (ضخ نقد أجني للسوق) مستبعد تماماً، لأن الحكومة لا تملك نقد أجنبي وعائداتها المتقطعة بين الحين والأخر من قيمة الشحنات النفطية لا تفي بالغرض، وخاصة أن جزءاً كبيراً منها يذهب تحويلات خارجية أما كشكل مرتبات لمن هم في الرياض أو اعتمادات للطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج أو تغطية بعض نفقات البعثات الدبلوماسية.
ورأى أن «اليمن بشكل عام أمام كارثة اقتصادية كبيرة، خاصة وأن التحالف لم يقدم أي مساندة مالية للحكومة الشرعية لتعزيز قيمة الريال وتغطية فاتورة استيراد المواد الأساسية» على حد قوله، معتبراً أن «الانهيار في سعر الصرف سيستمر بشكل متواصل وغير متوقع خلال الفترات المقبلة لاسيما في ظل غياب أي حلول واقعية لكبح جماح التضخم وتوفير النقد الأجنبي».
وكان البنك المركزي اليمني أقر في منتصف أغسطس/آب الماضي تحرير سعر الريال اليمني، وتحديد سعر الصرف الأجنبي وفقا لآليات العرض والطلب.
ورأى اقتصاديون أن اتخاذ البنك المركزي لهذا القرار دون وجود استراتيجية لضبط الاقتصاد قد فاقم من الازمة، لاسيما أن البنك المركزي بات عاجزاً عن توفير الدولارات للمصارف والبنوك. كما أن قرار الحوثيين، والخاص بتحرير سعر المشتقات النفطية قد ضاعف من الانهيار الجزئي الحاصل في اقتصاد البلد.
وانطلاقا من الوضع الاقتصادي والنقدي الراهن في اليمن يرى الدكتور يوسف سعيد، المحاضر في كلية الاقتصاد في جامعة عدن، أن اليمن مقبل على أوضاع أشد وأقسى، لاسيما في ظل ما شهده سوق الصرف يومي 30 و31 من الشهر الماضي من تدهور سعر صرف الريال اليمني مقابل مع العملات الحرة الأجنبية.
وسجلت أسعار صرف الريال اليمني يومي الاثنين والثلاثاء في بعض المناطق رقما جديدا وصل إلى 410 ريال للدولار للشراء، 415 ريالا للبيع.
وأوضح الدكتور يوسف أن هذا التدهور يحدث في ظل استمرار اتساع اختلال المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وغياب أي عون مالي خارجي حقيقي لدعم احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي تعويضاً عن موارده التي استنزفت أو جراء العبث بها حد تعبيره.
وأضاف «كما يأتي هذا التدهور الجديد في قيمة الريال اليمني والذي من المتوقع أن يستمر، واحتمال أن تبلغ اسعار الصرف قريبا عند مستوى 500 ريال/دولار، خاصة وأن البنك المركزي اليمني لا يمتلك اية موارد من النقد الأجنبي يمكن أن ترفع من هيبة العملة الوطنية وسيادتها داخل حدودها، وتعزز من مكانة البنك المركزي خارجيا، وتعزز من قدرته على دعم استيراد السلع الاستراتيجية (الغذاء والدواء والنفط ومشتقاته) أو التأثير في سوق الصرف الأجنبي، وخاصة بعد قرار تعويم سعر الصرف.
وقال أيضا «في مثل هذه البيئة المضطربة ودون القيام بأي جهد حقيقي عبر سياسات مالية ونقدية وكلية، وفي ضوء عدم الاستجابة السريعة للمانحين والاشقاء في مجلس التعاون الخليجي لمساعدة اليمن للتغلب على هذه التحديات، وفي ضوء استمرار الحرب بتعقيداتها السياسية والأمنية، فإن من لا تقتله الرصاصة سيقتله الجوع والمرض».
ويوم الأحد الماضي نقلت صحيفة (الأيام) اليمنية الصادرة في عدن عن أبوبكر باعبيد رئيس الغرفة التجارية والصناعية قوله ان الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة لإيقاف انحدار الريال أمام العملات الأجنبية عير سليمة ولا تصب في مصلحة المعالجة الصحيحة من خلال إغلاق محلات الصرافة. وأضاف «إن إغلاق محلات الصرافة يرمز إلى الضعف الذي تعاني منه الحكومة. فلو كانت تملك زمام الأمور لما أقدم عدد من الصيارفة على افتتاح محلات غير مرخصة في ظل ضعف بارز لدور البنك المركزي وبقية النبوك وأداء دور مبالغ فيه من قبل محلات الصرافة في عدن».
Share on Facebook
