انهيار الريال.. هل يكون القشة الأخيرة للوضع الإنساني في اليمن؟ (تقرير)

- خاص السبت, 21 أكتوبر, 2017 05:43 مساءً

يوما بعد آخر تدخل مليشيا الانقلاب الناس في صنعاء، دائرة القلق والجوع والمتفاقم، وكل المؤشرات والتطورات تقود الجميع تقريبا نحو انهيار متسارع، وكارثة إنسانية، تلوح في الأفق، في ظل استمرار انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، والتي شهدت ارتفاعا كبيرا في سعر الصرف خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تصاعد سعر الصرف للدولار الواحد إلى 400ريال، خلال الأسبوع الماضي في حين وصل أول أمس الخميس إلى 407، ووصل سعر صرف الريال السعودي الى 104.
 
ويواصل الدولار صعوده بشكل مستمر وبشكل باعث للقلق. الامر الذي أوجد انعكاسات سريعة وفورية، على أسعار المواد الغذائية والاساسية، والتي ارتفعت بنسبة 35% طبقا لمعلومات اقتصادية، ذهب " " نحو مطابقتها مع حديث الشارع وبعض أصحاب المحال التجارية، ناقلا جزء مما يجري ويحدث، من قهر وجوع وحرمان يعيشه الكثير من الناس بصمت والم.
 
يقول منير الشعبي لـ " "، أحد سكان العاصمة صنعاء، إن أسعار المواد الغذائية في المحال التجارية، باتت جنونية، وأنه صار شراء الحاجات الأساسية لأسرته، أمراً صعبا للغاية، وكذلك لدى كثير من الناس الذين يعيشون صدمة بسبب ارتفاع الأسعار.
 
وأضاف "عند ذهابي لشراء بعض الخضروات تفاجأت بأسعارها الغير معقولة، وبين عشية وضحاها وصل سعر الطماطم إلى 700 ريال للكيلو الواحد في حين كان سعره السابق 400 ريال قبل هذا الارتفاع الاخير لسعر صرف الدولار في حين قبل فترة ربما كان سعره 250 ريال".
 
ويفيد بعض التجار وأصحاب المحال التجارية الصغيرة والمتوسطة، والتي تعمل بنظام التجزئة، بأن التجار الوكلاء أوقفوا البيع لهم خلال الاسبوع الماضي عدة مرات، ويقولون بان السبب هو ارتفاع الدولار بشكل مفاجئ، ولا يستطيعون بيع البضائع بالأسعار السابقة، فهم وحسب حديثهم لن يتمكنوا من شراء السلع الجديدة، بسعر الدولار المرتفع الذي وصل إلى 385 ريال للدولار الواحد، بل أن المخيف هو ارتفاع سعر الدولار مستمر بالصعود بشكل مخيف وملفت.
 
ارتفاع بنسبة 31%
 
" " وخلال استطلاعه الذي قام به في بعض المحال التجارية بالعاصمة صنعاء، وجد أن ارتفاع الأسعار تقريبا طالت أغلبية السلع الأساسية، حيث أكد التجار بان الأرز والقمح والزيت والحليب والسكر أبرز تلك المواد التي شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعارها.
 
يؤكد ماجد الحبيشي، بإن سعر الكيس الرز 40 كيلو كان بالأمس القريب بـ 9500 ريال يمني، في حين اليوم وصل سعره الى 14850 ريال، وعلبة الحليب النيدو 2.5كيلو كان سعره بـ 5500، بينما اليوم وصل سعره الى 8000الف ريال، بينما الكيس 25كيلو الذي كان سعره بـ 22000الف، أصبح سعره اليوم 31500.
 
أيضا كيس الدقيق 50كيلو وصل سعره الى 8500، بعد ان كان سعره 7000سبعة الاف ريال، وبهذا القدر من الارتفاع شهدت بقية المواد الغذائية الأخرى ارتفاعا، جعل الناس محل ذعر وقلق شديدين.
 
تلاعب واستغلال
 
التلاعب والاستغلال من قبل التجار، حرب أخرى تمارس بحق المواطن، وبمجرد ان يرتفع سعر صرف الدولار، يقوم التجار وأصحاب البقالات برفع أسعار المواد الغذائية بشكل مباشر، دون مراعاة لظروف المواطن البائس.
 
واكتشف " " خلال استفساره عن أسعار بعض المواد الغذائية في أكثر من محل تجاري ان هناك تلاعب من قبل التجار واستغلال، والاسعار غير ثابتة وغير محددة من قبل أي جهة او طرف؛ والتجار هم وحدهم من يتخذون قرار رفع الأسعار حسب ما يريدون.
 
يقول صدام محمد "الرحمة غابت في قلوب الجميع وغاب الضمير، فلا المعنيين يراعون المواطن وظروفه ولا التاجر والجميع حولنا نحن البسطاء الى مصدر استغلال ومصدر استرزاق".
 
ويستمر هذا المسلسل في ظل غياب أي رقابة، وفي ظل استمرار موجة الفساد والاستغلال المتعدد والمتنوع من قبل المليشيات، ومن قبل جميع القائمين على الأوضاع، والسلطات في صنعاء، وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.
 
أسباب غامضة ومتعددة
 
ويأتي هذا التطور الملفت في انهيار الريال اليمني مقابل صعود سعر الصرف للعملات الاجنبية، بعد حالة من الاستقرار النسبي، كانت قد سادت السوق المصرفي في العاصمة صنعاء خلال الأشهر الماضية.
 
وفي حين يقول بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي بان أسباب هذا التطور ما تزال غامضة، وربما يرجع بعضها الى التطور والاجراء الذي اتخذ من عدن وتمثل بقرار تعويم الريال من قبل البنك المركزي، يرجع بعض اصحاب شركات الصرافة السبب إلى وجود كميات كبيرة من الطبعات القديمة من العملة الصعبة(الدولار)، ومتوفرة في السوق بشكل كبير، وهذه الطبعات كان لها دور في استقرار أسعار الصرف، ولكن تم وقف التعامل بها بشكل مفاجئ.
 
إيقاف الصرافين بصنعاء التعامل بالطبعات القديمة من الدولار دفع البنك المركزي في العاصمة إلى التدخل ووجه في تعميم، كافة شركات ومحال الصرافة حثّ فيه تلك الشركات على ضرورة التعامل بالعملات القديمة وصرفها بالسعر الفعلي السائد. وهدد البنك باتخاذ عقوبات وفقاً للقانون.
 
انهيار الريال جزء من صراع الحوثي وصالح
 
يقول أحد الخبراء الاقتصاديين في صنعاء، في حديثه لـ " ": "قبل الوقوف على موجة تراجع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي وعملات أخرى، يقتضي الأمر العودة إلى بيان الغرفة التجارية والصناعية بالعاصمة صنعاء الصادر الأسبوع الماضي، والتي من خلال بيانها هذا بعثت رسالة واضحة تُختصر بعزمها توجيه صفعة لأحد طرفي سلطات صنعاء، وتتمثل الصفعة بتحريك ورقة السوق السوداء للدولار الأميركي، والذي بدوره سيخلط الأوراق ويقود إلى ارتفاع الأسعار واختفاء الدولار، وهذا سيمتد أثره إلى المحافظات الواقعة خارج سيطرة تحالف صالح - الحوثي، كون غرفة صنعاء هي امتداد للوبي من الغرف التجارية في عموم اليمن".

ومن خلال القراءة العميقة لعوامل انهيار سعر صرف الريال اليمني، والذي بلغ مستوى عالٍ خلال أيام مضت، وحسب الخبير الاقتصادي الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، يتضح أن الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء، وشركات الدواء ومستوردي الإلكترونيات والسلع الاستهلاكية غير الغذائية، ثم المنظمات الأجنبية العاملة في اليمن، يضاف إليهم تجار العملات في صنعاء، يمثلون أسباب رئيسة لحالة التراجع في سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار وعملات أخرى.
 
ويضيف الرجل "لا جدال بأن ذلك سيقود إلى ارتفاع موازٍ لأسعار السلع وهنا نقصد الغذائية بشكل ربما يجعل نسبة تصل إلى 30بالمائة من اليمنيين عاجزين عن شراء سلع رئيسة مثل السكر والأرز والحليب والدقيق إلا بكميات متواضعة للغاية كالذي كان حاصلاً في محافظة الحديدة ومحافظات جنوبية، حيث تشتري الأسرة احتياجها اليومي من تلك السلع بذات اليوم، مثلاً: تشتري في اليوم نصف كيلو دقيق وبعشرين ريال زيت طبخ وخمسين ريال سكر وهكذا".
 
وهذا له انعكاسات سلبية على حياة المواطن اليمني، طبقا لحديث هذا الخبير، ويزيد من حدة كارثية الوضع الإنساني وفقر الغذاء وتوسع رقعة الأوبئة الناجمة عن سوء التغذية، وكارثية ذلك ينعكس على جوانب أخرى أبرزها: ارتفاع نسبة العجز عن الالتحاق بالتعليم الأساسي ومثله التسرب من التعليم الثانوي والجامعي، كما سيقود إلى مزيد من التفكك الأسري وارتفاع نسبة الجريمة وحالات الانتحار وغير ذلك من الظواهر التي تعزز من تأكل النسيج المجتمعي واستمرار الصراع والاحتراب.
 
ويختم قوله "هناك كتاب اسمه "صناعة الجوع"، يكشف عن أبعاد كالتي ذكرناها سلفاً في ابتكار أطلق عليه المؤلف "صناعة الجوع"، يتخذه تجار وسماسرة الحروب لإفراز حالة جوع أواسط المجتمعات ويعملون على توسيع دائرته ليستمروا في التسلط وتحقيق الثراء من تجويع الشعوب".
 
أزمة الراتب تضاعف المعاناة
 
ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، كارثة بحد ذاتها، وانقطاع الراتب يكون كارثة مرتين، فالناس تتساءل إذا كنا غير قادرين على شراء السلع الأساسية وهي في سعرها الطبيعي وسعرها السابق بسبب غياب الراتب وانقطاعه عنا منذ أكثر من عام؛ فكيف سيكون لدينا قدرة على شراءها وهي بهذه الأسعار الجنونية؟
 
يبدو أن الجميع يقف أمام أزمة إنسانية مضاعفة، ووضع تبدو مؤشراته أن الجميع يتجه نحو مجاعة ونحو كارثة إنسانية لن ترحم أحد.
 
والمؤسف بأن المعنيين سواء في سلطة الانقلاب أو في سلطة هادي، غير آبهين بمخاطر هذه الازمة الإنسانية والاقتصادية التي ستتقتل الشعب دون سابق انذار. ولا أيضا المجتمع الدولي والإقليمي هو الاخر، لا حس له بنا كشعب ومواطنين أبرياء نموت جوعا على مدار الساعة.


مصدر هذا الخبر وقع محافظة الحديدة:
https://yemen-online.club
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://yemen-online.club/?no=64785