عاد رئيس الوزراء في الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر الى العاصمة المؤقتة عدن قبيل عيد الاضحى المبارك بعد زيارة للمملكة العربية السعودية التقى خلالها الرئيس هادي ونائبه وقيادات في التحالف العربي.
وخلال زيارته الاخيرة للعاصمة عدن كثف بن دغر من تحركاته على المستوى الميداني والعسكري، وأجرى العديد من اللقاءات والزيارات مع مختلف الجهات والشخصيات ذات العلاقة بالوضع العام في عدن.
وخلال ثلاثة أيام فقط التقى بن دغر مع قيادات التحالف العربي العسكرية، كانت الاولى في الثاني من سبتمبر/أيلول الجاري، والثانية في الخامس من نفس الشهر، إضافة الى زيارة خاصة لمقر القوات الاماراتية والسعودية كلا على حدة في الاول من سبتمبر/ايلول ايضا.
وفقا للإعلام الرسمي الحكومي فقد أشاد بن دغر بتلك القوات والجهود التي تقدمها في اليمن لصالح استعادة الشرعية وانهاء الانقلاب، ومنع التدخلات الايرانية في اليمن.
هذا الانفتاح الكبير في العلاقة بين الحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي يعد غير مسبوق، ووصل الى افضل حالاته قياسا بما كان عليه الوضع في الفترة السابقة، خاصة مع إشارة تقارير اممية لتآكل سلطة الحكومة الشرعية في المناطق المحررة، وعدم قدرة الحكومة اليمنية على بسط سيطرتها وإدارة شؤون المناطق المحررة.
ويمكن النظر الى طبيعة تلك التحركات من زاوية أخرى، إذ ان تحسن العلاقة بين الحكومة والتحالف العربي خاصة الامارات العربية المتحدة جاء على حساب علاقتها مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي بدا انه دخل دائرة التجميد او الترحيل المؤقت.
وخلال الأيام الماضية تناقلت شخصيات مقربة من محافظ عدن المقال ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي تذمره من التقارب الحاصل بين الحكومة اليمنية والتحالف العربي في عدن، وشكواه من خذلان الامارات له، ونكثها بالوعود التي قطعتها له، في تمكينه من إدارة الحكم في محافظات الجنوب.
ووفقا لتلك المصادر فقد ابدى عيدروس غضبه من التقارب الاماراتي مع رئيس الوزراء، بينما سارع هو سابقا لمقاطعة الحكومة ورئيسها ورئيس الجمهورية ارضاء للطرف الاماراتي، وهو ما دفعه للتواصل مع الجانب الاماراتي والاستفسار عن طبيعة هذا التقارب، والخذلان الذي يعيشه مؤخرا.
واللافت في الأمر ان التقارب الحكومي مع قوات التحالف العربي والجانب الاماراتي تحديدا جاء بعد وصول القوات السعودية الى عدن، ويبدو أنها حرصت على تمكين الحكومة تدريجيا من التحرك هناك، رغم ان هذا التقارب لايزال في المستوى الفوقي، ومحصورا في شخص رئيس الوزراء ولم يصل بعد حد التطبيع الكامل لمختلف مؤسسات الحكومة هناك.
تحرك بن دغر في مختلف الاتجاهات، بما فيها أنشطة من صميم مهام محافظ عدن، فإضافة الى لقاءاته المتكرر بقيادة قوات التحالف العربي، قام بالعديد من الانشطة الميدانية كتفقد مسجد حقات في كريتر، ولقاء مدير أمن عدن شلال شائع، ومناقشة توفير المشتقات النفطية، ولقائه بالعديد من القيادات العسكرية والأمنية وأعضاء السلطة القضائية والمكاتب التنفيذية بعدن.
وما بدا لافتا في الأمر هو غياب محافظ محافظة عدن عبدالعزيز المفلحي عن مجمل تلك التحركات والانشطة التي يقوم بها رئيس الوزراء منفردا، بعد أن كانا الاثنين في صعيد واحد عند تنفيذ تلك الانشطة والتحركات الميدانية في عدن.
ورغم سفر كلا الشخصيتين من عدن الى الرياض منتصف الشهر الماضي، الا أن عودة بن دغر منفردا الى عدن، ومزاولة مهامه من جديد، وبقاء المفلحي بالرياض اثار التساؤلات عن هذا الأمر.
كل هذه التطورات تشير الى وجود محاولة لتطبيع الاوضاع في عدن من قبل الحكومة، لكن يبدو أن الثمن هو محافظ عدن الذي عٌرف بجرأته وصراحته، وانتقاده لما يجري في عدن، ويجري تغييبه حاليا، لأسباب لم تعرف بعد، فمثلما خف صوت الضجيج الذي أحدثه المجلس الانتقالي الجنوبي، تراجع ايضا دور محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي.
كل تلك التحركات في مجملها تشير الى وجود انفتاح على رئيس الحكومة، مقابل حالة من التكتم حول دور محافظ عدن، الذي لايزال في العاصمة السعودية الرياض، فهل تحركات بن دغر محاولة لتطبيع الاوضاع في عدن، أم مساع لتطويع الحكومة هناك، والفارق شاسع بين التوصيفين.