بالرغم من الهدوء الذي يشعر به سكان العاصمة صنعاء، إلا أن ثمة نار تتأجج تحت الرماد، حيث يواصل الحوثيون استعداداتهم بخطى حثيثة للانقضاض على حليفهم علي عبد الله صالح، والذي هو الآخر يتخذ استعداداته تحسبا لمثل هذا الهجوم.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها " " فإن مليشيا الحوثي استدعت خلال الأسابيع الأربعة الماضية، المئات من مقاتليها، ممن تلقوا تدريبات نوعية، كما عززت الجماعة من كفاءة مقاتليها المتواجدين في صنعاء، بتدريبات عالية، منها مهارات التدخل السريع.
وفي المقابل بدا الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقيادات حزبه مصدومين من جرأة المليشيا، وتحركاتها، واستعداداتها للمجازفة بنسف التحالف، رغم أن الخطر المشترك المتمثل في التحالف العربي لا يزال قائما، وهذا ما دفع "صالح"، إلى استنفار عناصره والقوات الموالية له في صنعا وكذا في مسقط رأسه بمديرية سنحان.
مخاوف المؤتمر للعلن
ولم يخفي العديد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، وناشطيه، مخاوفهم من خطورة الوضع في صنعاء، واستشعارهم بأن جماعة الحوثي باتت الخطر الداهم الذي يهدد الجميع.
وفي هذا السياق، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، القيادي بحزب المؤتمر حسين حازب، إن الوطن والشعب والتاريخ والسلم الاجتماعي، أصبحت جميعها مستهدفة، مؤكدا بأن الصمت أصبح خيانة، والبقاء في المنطقة الرمادية، أصبح خيانة أيضا، مؤكدا أن السكوت ليس من ذهب في جميع الأحوال.
التأكيد على خطورة ما يحدث، وخصوصا تأثير سيطرة الحوثيين على الدولة وسعيهم لتغيير المناهج، واستهداف وعي المجتمع، طغى على حديث العديد من قيادات حزب المؤتمر الذين أكدوا أن المرحلة تقتضي من الجميع التسامي فوق خلافاتهم والتوحد لمواجهة هذا الخطر.
الحوثيون ضعفاء .. وجهة نظر أخرى لدى المؤتمر
وبالرغم من سطوة الحوثي، يرى قيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام طلب في سياق تصريحه لـ" " عدم الكشف عن اسمه، أن الحوثيون أصبحوا ضعفاء، وأنهم ليسوا كما يصورهم الإعلام، مشيرا إلى أن المؤتمر قادر على إسقاطهم في لمح البصر.
وأوضح القيادي، بأن المؤتمر يبحث عن إشارات إيجابية، من قبل الأطراف الوطنية الأخرى، حتى يتحرك ضد الحوثيين، وهو آمن بأن ظهره ليس مكشوفا، في إشارة منه إلى ضرورة وجود إشارات إيجابية من قبل التحالف والشرعية.
اقرا ايضا: الصراع بين الحوثي وصالح.. أيهما أقوى عسكريًا وسينتصر على الطرف الآخر؟
ولفت إلى أنه كان لدى المؤتمر تواصلات مع التحالف عبر السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر، حيث عُرض على "علي عبد الله صالح" الذهاب للتفاوض إلى المملكة، إلا أنه رفض، مطالبا بأن تكون المفاوضات في دولة محايدة، أو في صنعاء.
وقال القيادي المؤتمري، إنهم أبلغوا الجانب الأمريكي بأن المطلوب بناء الثقة بين الطرفين، وهو ما حدث بالفعل، حيث تم تخفيف الضغط على تعز، وخصوصا في الساحل الغربي، إلا أنهم تفاجئوا بأن قوات الشرعية باتت تستعد لاقتحام الحديدة، الأمر الذي أعاد الثقة إلى نقطة الصفر.
تعبئة حربية
المستشار الإعلامي للرئيس السابق، نبيل الصوفي، وصف التعبئة الحوثية ضد المؤتمر بـ"الإرهابية"، مؤكدا أن طوفان التعبئة الإرهابية ضد المؤتمر تجتاح قواعد جماعة الحوثي.
وأكد الصوفي، أن الحديث عن جبهة موحدة في صنعاء صارت كذبة، في إشارة منه إلى خطورة الانقسام والخلاف الحاصل بين طرفي الانقلاب في صنعاء.
ماذا عن الحوثيين ؟
وكما أن المؤتمريين أصبح لديهم قناعة بأن جماعة الحوثي تمثل الخطر الأكبر، يتحرك الحوثيين أيضا وفق قاعدة أن المؤتمر هو العدو الأكثر خطورة في هذه المرحلة، وبالتالي فالواجب القضاء عليه.
وتأكيدا لهذا، حصل " " على بعض من تفاصيل تحركات جماعة الحوثي الأخيرة، والتي منها كما ذكرنا نقل تجهيز آلاف المقاتلين في صنعاء تمهيدا لضربة خاطفة ضد "صالح"، إضافة إلى الزحف الهادئ نحو مسقط رأس الرئيس السابق، (سنحان) حيث يحتفظ بالجزء الأكبر من القوة التي لا يزال يملكها.
وخلال الأيام الماضية عملت الجماعة على تخريج مئات المقاتلين، ضمن القوات الخاصة، من بينها كتائب للتدخل السريع، تمهيدا للمواجهة المحتملة.
وقال مصدر مطلع طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الجماعة كثفت من دوراتها التنظيمية، والتوعوية لمقاتليها في صنعاء، مشيرا إلى أن التعبئة والتعميمات التي حصلوا عليها جميعها موجهة ضد علي عبد الله صالح والمؤتمر.
وأكد بأن قيادة الجماعة أبلغت عناصرها بأن الخطر الأكبر يتمثل في "علي عبد الله صالح" الذي أصبح يخدم ما يسمونه بـ"العدوان".
اقرأ ايضا: إلى أين يتجه التصعيد بين المخلوع صالح والحوثيين؟
كما أوضح بأن المحاضرات والدورات التي نفذتها الجماعة لقاتليها في صنعاء، تدور حول الولاية، لآل البيت وصولا إلى زعيم الجماعة "عبد الملك الحوثي"، وكذا ضرورة التبرؤ من الخونة ومن يخدمون العدوان، وفي مقدمتهم "علي عبد الله صالح".
المصدر، أكد بأن الجماعة مستعدة بآلاف المقاتلين في صنعاء، بعد أن سحبتهم من جبهات القتال، وأنهم مستعدين للحظة الصفر، للانقضاض على "صالح".
في سباق التصعيد .. المجازفة قد تغلب
عرف عن جماعة الحوثي، جرأتها في اتخاذ القرارات المتهورة، وهذا بالرغم من الدمار الذي جلبه على اليمن واليمنيين، إلا أنه حقق للجماعة بعض المكاسب، فهي التي كانت قبل بضع سنوات منكفأة في جحورها في كهوف صعدة، أصبحت اليوم تحكم في صنعاء، وتسيطر على مقدرات ومؤسسات الدولة، بل وتتحكم في مصائر الملايين من سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، أقدمت جماعة الحوثي على اتخاذ قرارات كانت صادمة حتى لحلفائها بحزب المؤتمر الشعبي العام، من ذلك غزو عدن والمحافظات الجنوبية، وأيضا الإعلان الدستوري، وتشكيل اللجنة الثورية وغيرها.
واليوم، كل المؤشرات تقول بأن الجماعة تستعد لضربة خاطفة ضد حليفها علي عبد الله صالح، وهو القرار الذي قد يؤدي فعلا إلى اعتقال أو تصفية صالح، بالنظر إلى وضع الطرفين في صنعاء.
فجماعة الحوثي، بالرغم من ضعفها، إلا أنها أصبحت تحاصر المربع الذي يتواجد به الرئيس السابق، وبالتالي فإن هذا يعني أن قوة صالح مهما كانت ضخمة، إلا أنها غير ذات جدوى.