تتسرب تفاصيل مأساة الصحافيين في اليمن تدريجياً إلى العالم الخارجي، حيث يتضح أنهم ضحية لعمليات قمع غير مسبوقة وربما لم يعرف لها العالم مثيلاً، فلا الحوثيون يسمحون لهم بالعمل، ولا طائرات الحرب ترحمهم من الموت أو تتيح لهم العمل بحرية.
ومن المقرر أن يرى فيلم وثائقي مهم النور قريباً ليروي مأساة الصحافيين اليمنيين، في الوقت الذي تمكن أحدهم من الافلات بعد مدة طويلة من الاختطاف ليروي تفاصيل تجربته المريرة في سجون الحوثيين.
وكشف الناشط والصحافي اليمني عبد الله إسماعيل عن الفيلم الوثائقي الذي يحمل اسم «بلا قواعد» ويتناول قمع الحريات الصحافية في اليمن، حيث دخل الفيلم في منافسة على جوائز «مهرجان جنيف الدولي للأفلام الوثائقية» ليكون بذلك قد خرج إلى العالم الخارجي ليروي المأساة التي يعاني منها الصحافيون في اليمن.
وقال إسماعيل، وهو معد الفيلم، في تدوينة له على «تويتر» إن الفيلم «بلا قواعد» هو وثائقي يروي مأساة الصحافة اليمنية، وقد تم اختيار مهرجان جنيف الدولي للإفلام الوثائقية لمشاركة هذا الفيلم والمنافسة على جوائزه في دورته التي انطلقت يوم الخميس الماضي.
وأضاف: «الوثائقي «بلا قواعد» يوضح في قالب إنساني قضية الكلفة الهائلة التي يتكبدها الصحافيون جراء عملهم الصحافي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي من حريتهم وحياتهم والقدرة على العمل في الصحافة. وتم تصوير الفيلم بتقنيات عالية كما يستخدم مدى واسعا من الأحداث والوقائع التي تعرض لها الصحافيون».
كما لفت اسماعيل إلى أن الفيلم «يتناول قصصاً لصحافيين فقدوا حياتهم أو تعرضوا للاختطاف والتعذيب في سجون الحوثي والحوادث المختلفة من خلال لقاءات خاصة مع الضحايا أو أهاليهم أو أصدقائهم»، مشيراً إلى أن الفيلم واحد من سلسلة أفلام وثائقية قصيرة أنتجتها شركة «تو ايه ميديا» التي توثق انتهاكات الحوثيين.
ويقول اسماعيل إن «الأفلام ستُعرض على عدد من الشاشات العربية، وستشارك في مهرجانات مقبلة في أوروبا»، لافتاً إلى أن هذه الأفلام ساهم في تنفيذها فريق عمل في كل من عدن وصنعاء وتعز ومأرب والقاهرة والرياض، كما كتبها وأعدها ونسق لتنفيذها محمود الشعراوي ومؤمن حسن، وأخرجها علاء طه، فيما شارك في إعدادها الحقوقي اليمني همدان العلي.
ويأتي الفيلم الوثائقي في الوقت الذي كشفت فيه نقابة الصحافيين اليمنيين في أحدث تقاريرها عن رصد 300 انتهاك ضد الحريات الصحافية منذ مطلع العام الماضي، تصدّر الحوثيون قائمة المنتهكين بـ204 حالات، تليهم جهات حكومية تابعة للشرعية اليمنية بنحو 54 حالة انتهاك، فيما قُدرت انتهاكات التحالف العربي بثماني حالات.
ودعا أمين عام الاتحاد الدولي للصحافيين في كانون الثاني/يناير الأمين العام للأمم المتحدة إلى أخذ هذه الانتهاكات «الفظيعة» على محمل الجد، وتذكير كافة الأطراف المشاركة في الحرب في اليمن بضرورة التزامها بقرارات مجلس الأمن الدولي والذي يحمي الصحافيين العاملين في مناطق الصراع، بما في ذلك اليمن.
شهادة جديدة
في غضون ذلك، تمكن صحافي ناجي من الاختطاف من رواية الجحيم الذي تعرض له بعد أن أفلت من معتقلات الحوثيين، حيث التقى بعدد من الصحافيين بعد أن أمضى عاماً كاملاً في معتقلات الحوثيين.
وقال الصحافي اليمني يوسف عجلان (30 عاماً) خلال ندوة أقيمت في مقر مجلس حقوق الإنسان في جنيف: «لستُ قاتلاً أو لصاً أو مجرماً، أنا صحافي مسالم، لم أرفع مسدساً أو سلاحاً».
وقال عجلان الذي بدأ مهنة الصحافة في موقع «المصدر أونلاين» الإخباري المحلي في عام 2008 إنه تعرض لثلاث عمليات اختطاف من قبل الحوثيين، لكنه أفلت في اختطافه الثاني بعد إرغامه على توقيع تعهّد بعدم العودة لمزاولة العمل في الصحافة.
وأضاف: «عندما اختطفت للمرة الثانية أجبرني الحوثيون على كتابة تعهّد ينص على أن أتوقف عن الكتابة والصحافة، ويومها أيضاً اقتحموا مقر عملي ونهبوا كل شيء فيه، هذا الأمر دفعني إلى ترك عملي وشراء سيارة أجرة للعمل عليها».
وتابع عجلان: «في مساء الـ13 من تشرين الأول/أكتوبر من عام 2016، وعندما أوقفت سيارتي بجوار منزلي وترجّلت زوجتي منها، فوجئتُ بأربعة مسلحين يوجهون أسلحتهم باتجاهي، كان موقفاً مرعباً، شعرت أنني لن أرى عائلتي مرة أخرى».
وأضاف: «6 سجون تنقّلت بينها، ووُضعت في زنزانة انفرادية، مترين في متر، وكان بجواري شخص مدان بجريمة قتل. كان الوضع مخيفاً، زنزانة مظلمة وقاتل بجواري، ولا فرش أجلس عليه أو غطاء يقيني من البرد الشديد، بل لم يُسمح لي بدخول الحمام لأيام، وهو ما تسبب لي في مشاكل صحية أعاني منها حتى الآن».
وقال: «6 مرات تم التحقيق معي، عُذبت خلالها، واستُخدمت معي طريقة (الشواية)، حيث تم تعليقي بوضع يديّ ورجليّ مع بعضها ووضع عصا في قدمي وتعليقي، مع ضربي بشكل مبرح. كانت الدماء أحيانا تسقط من وجهي من شدة الضرب. وفي إحدى المرات، هددني المحقق باغتصابي إذا لم أعترف له بأشياء لا أعلم عنها شيئاً، لم يكتف بذلك، هدد بتصفية طفلتي التي كانت حينها عامين من العمر، وحرماني منها، إضافة إلى تصفية زوجتي ووالدي».
وأطلقت ميليشيا الحوثيين سراح عجلان في منتصف كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، ضمن صفقة لتبادل أسرى الحرب مع الحكومة اليمنية في محافظة مأرب (وسط اليمن)، حيث يقول: «أنا محظوظ لأني على قيد الحياة. خرجتُ من سجن الشرطة العسكرية في صنعاء الذي تعرّض لغارة جوية بعد أيام فقط من خروجي، بعدما كان الحوثيون قد وضعونا في ذلك المكان كدروع بشرية».