"وجدي" يحمل رتبة ملازم في الجيش اليمني, تخرج منذ أشهر في الكلية الحربية بعدن, وأصبح من ضباط اللواء الثالث حماية رئاسية, ظل إلى اللحظات الأخيرة في موقعه هو ومجموعة صغيرة, يدافعون بكل ما أوتوا من قوة يطلقون بكثافة كل أنواع الأسلحة, لم يشعروا بالخوف أن يقتلوا أو يتم أسرهم من قبل مليشيا المجلس الانتقالي, كل خوفهم, هو أن يسقط مقر اللواء, أن تذهب الشرعية من العاصمة المؤقتة حيث لا رجعة هذه المرة, وأن تتبخر أحلامهم بوطن مستقر وآمن أدراج الرياح كما يقول.
لم ينم وجدي ليلة الأحد كان متأهباً, يقول لمراسل "مُسند للأنباء" كنا نشعر بأننا سندافع عن كينونتنا, نكون أو لا نكون, شعرنا وكأننا نقاتل العالم كله, العالم الذي يحاول أخذ كل ما نملك ليهبها لواحد غيرنا, لا ناقة له ولا جمل في عدن, أو المحافظات الجنوبية بشكل عام, وربما اليمن بكلها.
حتى الساعة الثانية ظهراً استمر وجدي ومجموعته بالدفاع حتى أتى من يساندهم في اللحظات الأخيرة, كان متعباً ويائساً جداً كما يقول, كان يظن أن عدن كلها أصبحت في قبضة المتمردين, لكن بدأت الأخبار التي طمأنته كثيراً وبأن الوضع تحت السيطرة, وأن قوات الحماية الرئاسية والمساندة لها, تسيطر على الموقف في العدد الأكبر من المديريات.
ينتمي وجدي إلى إحدى القرى النائية في أطراف مديرية رأس العارة والمضاربة, بينما توزع انتماء مجموعته إلى مديريات أخرى من محافظتي أبين ولحج, وواحد من محافظة شبوة, جمعتهم الكتيبة في شهرين فقط, لتبرز بسالتهم في ساعات ست, كانت عصيبة, ولكنها مفصلية في تاريخهم العسكري, وقفوا أمام مشروع انقلابي ثاني, على الشرعية في بلادهم, وبمسمى آخر, هو بعيد كل البعد عن هويتهم اليمنية, والجنوبية على حد سواء.
لانضمامهم إلى اللواء الثالث حماية رئاسية حكاية فيها الكثير من الغرابة والمخاطرة أيضاً, في وسط مدينة صورت وسائل الإعلام أن من يسيطر عليها هم عناصر المجلس الانتقالي, المدعوم من الإمارات العربية المتحدة, صحيح أن الصوت الأقوى كان لهم, وقد مهد لهم ذلك في إحكام قبضتهم على العاصمة المؤقتة, بعد أن انسحبت المقاومة الحقيقية التي حررت عدن من الحوثيين وقوات صالح في يوليو من العام 2015م, بقي الجو خالياً لعيدروس الزبيدي وشلال شائع, الذي أتت بهما أبوظبي كحاكمين وحيدين لعدن, وهي الألوية التي تقودها شخصيات لها إسهامات في تحرير عدن, وحاول التحالف العربي ممثلاً بالإمارات تغييبهم في الفترة الماضية, هم في معارك اليوم الأحد, من ثبتوا دفاعاً عن شرعية الحكومة اليمنية, وعلى رأسها عبدربه منصور هادي.
اللواء الثالث حماية رئاسية يقوده العميد ركن إبراهيم حيدان, تم تشكيله من عناصر المقاومة الشعبية التي تصدت للحوثيين إبان سيطرتهم على المدينة, ويأتي بعده اللواء الرابع حماية بقيادة العميد ركن مهران القباطي, والذي له إسهامات كبيرة مع الشرعية اليمنية, وتخشاه القوات الإماراتية وعناصرها في عدن لتواجده الفاعل في عدد من مناطق عدن, خصوصاً الشيخ عثمان ودار سعد.
قوات أخرى أغلبها تنتمي إلى محافظة أبين, مسقط هادي, لم تخض الاشتباكات على نحو واضح, وهو ما يرجح بأن المواجهات لا يراد أن تكون ذات طابع مناطقي, وهو ما لم تستطع التخلص منه أي طرف في المواجهات.