«باب موسى» في تعز القديمة من الجبن البلدي إلى إمارة أبي العباس (الصورة كما هي)

2017-11-28 19:47:24



مفارقة كبيرة تعيشها أحياء تعز, وسط اليمن, خصوصاً القديمة منها, حيث يقطن أهلها فوق إرث كبير من التاريخ والحضارة والثقافة, ناهيك عن الجمال الروحي والفني, التي امتازت به تعز عن سواها من المدن اليمنية, فباب موسى والباب الكبير, والمظفر والأشرفية والقاهرة, لوحة فنية يقصدها الزائر طيلة العقود الماضية غدت مصدر خوف لكل من حطت قدمه المدينة التي كانت حالمة, فصارت تعيش كوابيسها اليومية, على الرغم من إصرار أبنائها على استعادة ألقها وبريقها, الذي بدا خافتاً لانتشار الجماعات المسلحة (المتطرفة) وبدعم من دولة إقليمية, وأحزاب داخلية, طالما تشدقت بالمدنية.
(الأشرفية)
  (باب موسى) يتربع في وسطها حارساً لم يغدو أميناً, فقد وظيفته التاريخية, حيث باب المدينة القديمة, التي كان يغلق كل ليلة, لينام ساكنوها بأمان في كنف موسى بن عجيل, الذي ترك ضريحه شاهداً عن حاجة الأبنية والبشر معاً للهدوء والسكينة.. بقي سوقاً شعبية تعرض فيها كل المنتوجات, وعلى جنباتها محلات التحف ومصنوعات الحرف المختلفة, التي كان يقصدها السائحون والقادمون من بلاد بعيدة, لمشاهدة  ما علق من جمال وإبداع.
(باب موسى) 

اشتهر السوق ببيع الجبن البلدي, ذي النكهة المميزة, فالزائر لتعز, إن لم يذق جبن باب موسى كأنه لم يقدم أو يمكث فيها, ولكنها السلعة التي خفت المقبلين عليها, بعد أن غدا السوق "بازاراً" مفتوحاً لعرض الأسلحة والمتفجرات, من (طلقة الكلاشينكوف) إلى الأربي جي, يقول سكان محليون إن حياتهم صارت جحيماً, بعد أن سيطرت كتائب (أبو العباس) على السوق والأحياء المجاورة, وأصبح هو الحاكم الوحيد فيها والمتعدد الصلاحيات, قاض, وشرطي وجابي ضرائب ومتعهد في بيع الأسلحة. 

  كُسدت التجارة العادية, وأصبحت تحصيل حاصل, قلّ المرتادون, إلا من مسلحين مختلفين يقدمون من مديريات عدة, يأتون على عجلة من أمرهم, فكل شيء يدعوك للتعجل, والتخفف, حتى أنت القادم إليها أي السوق, لتسترجع ذكرياتك مع الجبن وأشياء أخرى, لتسرع قدمك في المضي إلى وجهة أخرى, لا توجد في أدوات أبي العباس, الذي أصبحت شهرته عابرة للحدود, بل للقارات.   يعيش المواطنون خوفهم اليومي, لا قناعة لهم بما يحصل, إنما يدارون خوفهم خلف نوافذ منازلهم التي تتلصص على الشوارع, التي أصبحت تغص بوجوه غريبة, بعضهم قادمون من محافظات أخرى يحمون إماراتهم المرتقبة, التي يدعو إليها عرابو (أبو العباس) والداعون إلى دعوته, التي اصطدمت إلى اللحظة بثقافة أبناء تعز, وألوية الجيش الوطني, التي تحاول تجنيب المدينة, ومديريات الريف فيها من أجندة الإمارات وفرض الإرهاب ليتسنى لهم تنفيذ مشاريع أحادية, تعب منها اليمنيون, وأهالي تعز على وجه الخصوص, التي تريد اليوم تقديم أنموذج مشرف, خصوصاً بعد تحرير جزء كبير من المحافظة.  

تابعونا علي فيس بوك