أكاديمي روسي يقدم ثلاثة سيناريوهات للوضع في اليمن وينصح بلاده بالتدخل في الملف اليمني (ترجمة خاصة)

2017-11-02 17:00:54



- خاص الخميس, 02 نوفمبر, 2017 07:58 مساءً

يقدم مجلس الشؤون الدولية الروسية مقترحات لحكومة بلاده تطالبها بالحضور السياسي والدبلوماسي في اليمن أكثر من أي وقت مضى.
 
ويقول بإن لدى موسكو حق أخلاقي في ذلك، وسيكون شريك تأريخي لكسر الجمود المستوطن في اليمن جراء الحرب المستمرة لعامين دون أي استجابة على المستوى المحلي والمجتمع الدولي.
 
ويقول الكاتب بأن روسيا تمتلك امكانات قوية لحفظ السلام في اليمن، وتتمتع بثقة ضخمة مع غالبية الجهات الفاعلة في اليمن بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، ويرى ان دخول روسيا في اليمن سيؤمن المصالح الاقتصادية لجميع البلدان الحريصة على سلامة التجارة البحرية عبر مضيق باب المندب.
 
الوضع في اليمن
 
ويشير الى أن اليمن تعاني اليوم أكبر أزمة إنسانية في اليمن، وغياب أي علامات للتسوية السياسية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر في نيسان / أبريل 2015، تجعل من الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي تدابير عاجلة في أشكال جديدة بغرض وقف الأعمال العدائية والشروع في اتخاذ إجراءات سياسية محادثات.
 
وأضاف: "تغيرت جميع المعالم الرئيسية للأزمة اليمنية منذ بداية الحرب قبل عامين ونصف العام. وبالنظر إلى الجانب الإنساني للأزمة يأخذ الأولوية المطلقة اليوم على النحو الذي تؤكده التقارير المقدمة من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وهذا يتطلب تنقيحا دقيقا لقرار مجلس الأمن 2216، الذي امتنعت روسيا عن التصويت عليه.
 
ويشير الى أن اليمن ستكون بحاجة إلى موارد مالية كبيرة من أجل استعادة اقتصادها المدمر، وهذه الموارد يمكن توفيرها من قبل قبل دول الخليج والمصارف الدولية والدول الأعضاء في نادي أصدقاء اليمن التي أنشئت في لندن في عام 2010 بغرض دعم استقرار اليمن.
 
ويؤكد بإن عملية إعادة الإعمار سيخلق أساسا للتعاون المتساوي بين جميع دول الخليج في اليمن؛ وهذا بدوره سيحسن الوضع الإقليمي وسيساعد على التغلب على المخاوف القائمة فيما يتعلق بظهور جهات أجنبية خطيرة وغير مرحب بها في المنطقة، وإذا تمكنت روسيا من تحويل عملية التسوية في هذا الاتجاه، فإنها ستكسب العديد من الحلفاء والشركاء في آسيا وأوروبا، وفق تعبيره.
 
التقرير كتبه سيرجي سيريبروف الحاصل شهادة الدكتوراة في الاقتصاد من مركز الدراسات العربية والإسلامية، ونشره المجلس على موقعه بالانترنت بعنوان "أزمة اليمن: الأسباب، التهديدات، القرار، السيناريوهات".
 
تطورات الوضع في اليمن
 
يستعرض التقرير في سياقه التطورات التي جرت في اليمن بدء من العام 2011م، مرورا بمؤتمر الحوار الوطني، وانقلاب الحوثيين مع حليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وصولا الى انطلاق عاصفة الحزم، والتداعيات التي ولدتها، والتطورات التي تلتها.
 
يعتقد الكاتب إن الأزمة اليمنية تحمل تهديدات بالفعل على جيرانها في شبه الجزيرة العربية ومصالح الفاعلين العالميين في المستقبل، وإذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لحل الأزمة السياسية في البلاد، فإن الوضع يمكن أن يشكل تحديات أكبر.
 
ويقول الكاتب أن حرب الحوثيين في العام 2014م مهدت الطريق لتغذية الصراع الديني بين الهويات التقليدية والمجتمعات المحلية، والسلفية المتطرفة، وكأن أبرزها مع حزب التجمع اليمني للاصلاح، وهو ما تسبب بإنقسام بين حزب الاصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام، واستفاد من ذلك الحوثيين الذين قدموا أنفسهم قوة ثالثة بعد تمكنهم من القضاء على الجناح القبلي الموالي للإصلاح ممثل بقبيلة حاشد وشيوخ بيت الأحمر.
 
ويذكر بأن الرئيس عبدربه منصور هادي تعاون مع جماعة الحوثي، من أجل تقويض منافسيه من آل الأحمر، وإزالة حزب الاصلاح الاسلامي في اليمن، وانتهت مواجهته معهم بسلام، ودخل على إثر ذلك الحوثيين الى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م.
 
ويتحدث الكاتب عن وجود مناصرين للفريق علي محسن الأحمر في شمال اليمن، حيث تتمركز جماعة الحوثي، لكن تفوق التحالف العربي عسكريا لم يفلح في تسجيل انتصارات هناك، ومع استمرار الحرب لعامين ونصف يقول كاتب التقرير إن الحالة السياسية في المناطق التي يسيطر عليها تحالف صالح الحوثي أفضل بشكل ملحوظ مما هو الحال في المناطق التي يسيطر عليها القوات التابعة للرئيس عبدربه منصور هادي، بما في ذلك الوضع السياسي والقانوني في جنوب اليمن، التي يسيطر عليها التحالف والرئيس هادي، والذي يعيش حالة متزايدة من الفوضى.
 
بالنسبة للقبائل اليمنية فهي – بحسب الكاتب – لاتزال تمثل قوة عسكرية تقليدية خطيرة، ولم تعلن رسميا الوقوف الى أي طرف في الصراع، لكن يمكنها تبديل الولاءات على أساس تقييمهم للحالة الراهنة التي يعيشونها.
 
وعن القاعدة والإرهاب يقول الكاتب إنه منذ أبريل 2015 إلى أبريل 2016، تم تحرير السواحل الجنوبية لليمن من جماعة أنصار الشريعة بمبادرة من الإمارات العربية المتحدة، التي اشتركت في إبرام اتفاقات مع الإرهابيين، وهو ما جعلهم يعودون الى مخيماتهم في انتظار الفرصة القادمة للتشكل مرة أخرى، ويعتقد إن الحرب على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتطلب نظاما مستقرا للمؤسسات السياسية.
 
التحالف العربي
 
ويشير الى أن سياسات قيادة التحالف العربي في جنوب اليمن تفتقر إلى الشفافية، ففي حين تحاول المملكة العربية السعودية تأمين ودعم حزب التجمع اليمني للإصلاح، سمحت دولة الامارات التي تشن حربا على جماعات الاخوان المسلمين بنشأة الحراك الجنوبي في عدن، ومكنته من تولي مناصب رئيسية، بما في ذلك الأمن من خلال قوات الحزام الامني والنخبة الحضرمية، وإدارة المحافظات، وانشائها لتعاون وثيق مع الحراك، واستعدادها للمساهمة في تحقيق برنامجه السياسي.
 
ويتحدث التقرير عن تأثر المملكة العربية السعودية، التي بدأت الحرب في اليمن، ويقول بأنها تواجه تحديات عسكرية مباشرة وخطيرة، فبالإضافة الى العمليات التي يشنها الحوثيون وقوات صالح ضد المنشآت العسكرية في ثلاث محافظات سعودية (جيزان، عسير، نجران)، هناك ايضا اطلاق الصواريخ الباليستية الى داخل مدن المملكة، والتي وصلت الى أكثر من ألف كم داخل اراضيها.
 
وينتقد الكاتب تصنيف الولايات المتحدة الامريكية لجماعة الحوثي ضمن الجماعات المتطرفة كداعش والقاعدة وفق حديث الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاخير، ويصف ذلك بالغير مؤكد والمشكوك فيه.
 
بالنسبة للأمم المتحدة يقول التقرير أنها لاتزال تحتفظ بالدور البارز في السياسة الدولية بالنسبة للجهات الفاعلة في الأزمة اليمنية، ويقول كاتبه إن المبعوث الاممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أصبح شخصا غير مرغوب فيه بصنعاء، بسبب ادعاء الحوثي وصالح بأنه متعاطف مع المملكة العربية السعودية، ومساعيه لوضع ميناء الحديدة تحت سيطرة الامم المتحدة، وهو الميناء الاكبر والمتبقي لصالح تحالف الحوثيين والرئيس المخلوع صالح.
 
السيناريوهات
 
في إطار سرده للسيناريوهات المحتملة عن الوضع في اليمن، يقول معد التقرير" نظرا لعزم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة  على استمرار الحرب، فمن الأرجح أن السيناريو في الأزمة اليمنية قد تدخل في جولات أخرى وقد لا تنتهي بسهولة".
 
ويواصل: بدلاً من جعل الناس يستسلمون لما قد يحدث في اليمن، هذا السيناريو من شأنه تعزيز المجتمع، كما تم مراراً وتكراراً و ظهر ذلك في أثناء الصراع العسكري، ومن ناحية أخرى، نفس هذا السيناريو سيجعل الإنسانية تنهار بلا شك.
 
ويشير الى ان التحدي الانساني هنا سيكون صعبا، "ففي وقت سابق من 2017، حذرت الولايات المتحدة الأمريكية من صعوبة دعم 20 مليون شخص يعانون من المجاعة في اليمن  بالمساعدات الإنسانية"،  ويعتقد بأن هذا السيناريو محفوف بالكثير من الأخطار للمنطقة بأسرها وبالتحديد للمملكة العربية السعودية، فإذا استمرت الغارات الجوية بهذا العنف فسيؤدي هذا الى كارثة بيئية، وسينشئ ظروف معيشة صعبة لا تكاد تطاق في البلاد، وبالتالي سيتسبب ذلك إلى تدفق كبير للمهاجرين عبر الحدود السعودية اليمنية.
 
بالنسبة لسيناريو الثاني فسيكون عبر إنهاء التحالف العربي للعمليات العسكرية تحت ذريعة الإجرام دون اعتماد خطة تسوية للأزمة الإنسانية تحت أنظار دولية. وفي هذه الحالة، فإن الجهات الفاعلة في اليمن  ستتجه للسيطرة على السلطة مما قد يودي إلى دخول البلاد في حرب أهلية طاحنة ستجعل المقابر تعج بالموتى .
 
 أما السيناريو الثالث، والذي هو الأفضل تماشياً مع مصالح اليمن و الأمن الإقليمي، فيتمثل بوقف الأعمال العدائية و المتزامنة مع إقرار مجلس الأمن  لخطة تسوية جديدة من شأنها أن تصحح  الأخطاء التي حدثت في الماضي والحاضر، وهذا السيناريو - وفق الكاتب-  من المستحيل أن نرى اي تقدم فيه حتى يتغير أطراف الصراع ويتدخل ممثل خارجي قوي.
 
نشرت المادة في الموقع الالكتروني لمجلس الشؤون الدولية الروسية (رياك)، هي منظمة روسية غير ربحية مقرها في موسكو، وتهدف أنشطة المركز إلى تعزيز السلام والصداقة والتضامن بين الشعوب، ومنع نشوب الصراعات الدولية وتعزيز حل الأزمات، وقد أنشئ المجلس وفقا لذلك بموجب الأمر الرئاسي الروسي رقم 59-رب "بشأن إنشاء الشؤون الدولية الروسية بتأريخ 2 فبراير 2010م.
 



تابعونا علي فيس بوك