تهريب القات الى السعودية .. القصة المستمرة رغم الحرب (تقرير)

2017-10-07 12:52:31



- خاص السبت, 07 أكتوبر, 2017 03:50 مساءً

لم تهدأ شبكات تهريب القات الى السعودية منذ أن تحولت حرض وميدي الحدوديتان مع المملكة قبل نحو عامين إلى منطقة عسكرية مغلقة، فتجارة تهريب القات وإن باتت تمثل كابوسا للسعودية، فهي في المقابل مصدر ثراء للآخرين في اليمن.

وأدت المواجهات الدائرة في حرض وميدي شمال غرب البلاد، إلى تعطيل إحدى أهم طرق تهريب القات من اليمن إلى المملكة العربية السعودية، الا قشأن المهربين اتجهوا الى طرق جبلية عبر محافظة صعدة الحدودية مع السعودية.

ورغم خطورة الوضع وإنتشار آلاف الألغام الفردية على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية،استمرت عمليات تهريب القات التي يقوم بها شبان يافعون بشكل يومي عبر قرى حدودية بمحافظة صعدة، شمال اليمن.

ثراء سريع

يتدافع أبناء المناطق الحدودية في محافظتي حجة صعدة وخصوصاً الشبان والمراهقين على التهريب، لتحقيق ثراء سريع بعد ازدياد نسبة البطالة بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو عامين ونصف العام.
وتعد منطقة آل ثابت بمديرية قطابر في أقصى الشمال الغربي لمحافظة صعدة، مركزا للتهريب بكافة أشكاله وهي مديرية تحدها المملكة العربية السعودية من الجهة الشمالية الغربية وحتى منتصفها من الجهة الغربية.

وتصل الى منطقة آل ثابت الحدودية نحو 100 سيارة بشكل يومي محملة بأجود أنواع القات الذي يجلبه كبار المهربين من مزارع القات رداع وحوث وحرف سفيان والمحابشة وشماخ ليتم تهريبه عن طريق المهربين إلى السعودية.

وتتم عمليات التهريب بشكل يومي وينجح منها نحو 60% وفي حال نجاح المهرب في إيصال الحموله الى الأراضي السعودية لمدة عشرة أيام متتالية فإنه يحصل على مبلغ 10 ألف ريال سعودي أي مايعادل مليون ريال يمني.
 ويقول (م. ع) أحد المهربين لـ" "،إنه يحصل على مردود مالي كبير من عمليات تهريب القات الى السعودية مضيفاً "في ساعات قليلة أحصل على مبلغ  يفوق راتب الموظف اليمني".

مواصفات المهرب

هناك مواصفات يتميز بها المهرب أبرزها الشجاعة والذكاء والإخلاص والسرعة والكتمان والتضحية بالاضافة الى حدة البصر فتجده شجاعاً مقداماً لايهاب رصاصات سلاح الحدود ولايخشى السير ليلا في دروب جبلية ويتحلى بقدر عالي من الثقة والإخلاص وهي أساس التعامل بين المهربين.

كما أن المهرب كتوم ومخلص لايكشف أسرار رفاقه حتى وإن تعرض للاعتقال، فتجده يضحي بحياته ويتحمل كامل المسؤولية لأن الخيانة ثمنها غالٍ في قانون المهربين وهو الموت وبلا رحمة.

ويمتلك المهرب المحترف مهارات تقفي الأثر والإستدلال بالنجوم وتفاصيل الأماكن سواء كانت صحراوية أم جبلية كما أنه يجيد أساليب التمويه والتخفي والإختباء والقدرة على التعامل مع المواقف المفاجئة.
طرق محفوفه بالمخاطر

 يضطر المهربون الى سلوك طرق وعرة مشياً على الأقدام عبر سلاسل جبلية تمتد من قرية آل ثابت بمديرية قطابر،  وصولاً الى قرية آل تليد المحاذية لها والتابعة لمحافظة بني مالك بمنطقة جازان جنوبي السعودية.

ويستغرق مهربو القات أو مايسمون بالحمالين من ساعتين الى ثلاث ساعات للوصول إلى أول قرية حدودية سعودية في محافظة بني مالك جنوبي السعودية ليتم تسليم حمولتهم من القات لأحد الأشخاص هناك ويقبضون مبلغ ألف ريال سعودي عن كل حملة.

 يقول (محمد. ع)  لـ" " بالرغم من أن عملنا مربح على نحو مغري لكنه محفوف بمخاطر الموت على يد سلاح الحدود أو بلغم أرضي وربما نتعرض للإعتقال والسجن لسنوات, لكنه مصدر دخلنا الوحيد وليس لنا من خيار آخر.

 ويضيف "بأن البطالة والوضع الإقتصادي البائس الذي تسببت فيه الحرب، أجبرت شبان عاطلين على العمل في تهريب القات لتوفير لقمة العيش التي أصبح المواطن يخوض حرباً من أجل توفيرها".

يحي ابراهيم أحد مهربي القات السابقين من مدينة حرض يروي لـ" " بعضا مما علق في ذاكرته "عملت في التهريب منذ أن كنت طالباً في الإعدادية وتعرضت لطلق ناري في ساقي من جندي بسلاح الحدود السعودي اثناء محاولتي الفرار قرب قرية أبوحجر التابعة لمحافظة صامطة السعودية وبعد اسعافي من قبل الجندي نفسه تم علاجي وايداعي السجن الذي قضيت في عامين وعندما أفرجوا عني عدت مجددا للتهريب.

ويتابع" كنا نجد بعض جثث رفاقنا مرمية في العراء، وفي إحدى المرات أطلق الجنود علينا النار قرب الخوبة وأصيب اثنان،وتمكن البقية من الفرار ورغم أنا شاهدناهم ينزفون الا أننا لم نكن نستطع التدخل لإنقاذهم".

قتلى بالعشرات

شهد العام الحالي مقتل العشرات من مهربي القات واعتقال مئات آخرين على الحدود اليمنية السعودية التي تشهد مواجهات عنيفة منذ نحو عامين بين مسلحي جماعة الحوثي والقوات السعودية المشتركة.

وفي 20 مارس الماضي قتل 4 مهربين وأصيب 3 آخرون بإنفجار لغم أرضي قرب منطقة الدايرالحدودية التابعة لمنطقة جازان أثناء محاولتهم تهريب كميات من القات إلى الأراضي السعودية.

وقتل الشاب فاضل ناصرهادي، من مديرية أسلم بمحافظة حجة، في 14 من مايو الماضي، برصاص حرس الحدود السعودي أثناء محاولته التسلل للقرى السعودية المحاذية لصعدة وهو يحمل كميات من القات.

ولقي 25 مدنياً يعملون جميعهم في تهريب القات بقصف جوي للتحالف العربي على سوق المشنق بمديرية شدا الحدودية بمحافظة صعدة في 18 من يونيو الماضي بعد عودتهم من الحدود السعودية.

وفي 23 من يونيو الماضي، قتل خمسة مدنيين من أسرة واحدة يعملون في تهريب القات، بقصف جوي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، في منطقة حدودية بمديرية رازح غرب محافظة صعدة وهم في طريقهم لتهريب القات الى السعودية.

عقوبات مشددة

تصنف كثير من الدول ومنها المملكة العربية السعودية "القات" ضمن المواد المخدرة عقب إدراجه من قبل منظمة الصحة العالمية عام 1973 ضمن قائمة المواد المخدرة.

وبالرغم من ان السلطات السعودية أنشئت سياجاُ حديدياً طوله 75 كيلومتراً عام 2008, و أضواء كاشفة وكاميرات حرارية الا أن عمليات التهريب استمرت ونجح بعض المهربين في فتح فجوات في السياج الحديدي تسمح بمرور أجسداهم.

وتصل عقوبات تهريب القات من سنة الى ثلاث سنوات حسب كمية القات الذي يحمله المهرب على ظهره فيما تصل عقوبة تهريب كميات كبيرة من القات على سيارات داخل الأراضي السعودية الى خمس سنوات.

وضبطت شرطة منطقة جازان السعودية في منتصف إبريل الماضي 3 مركبات استخدمت في تهريب كمية من القات داخل الحدود السعودية تتجاوز قيمته الستوقية نصف مليون ريال سعودي وحكم على المهربين بالسجن لمدة خمسة أعوام.

وأعدمت السلطات المختصة في السعودية، في 15 أغسطس الماضي ثلاثة يمنيين، تعزيرا، في منطقة عسير الحدودية مع اليمن بتهمة تهريب المخدرات والقات المحظور في السعودية .



تابعونا علي فيس بوك