تحولت معظم منصات التواصل الاجتماعي إلى بروفايل واحد احتفاء بالذكرى لثورة ال26 من سبتمبر، في تظاهرة إلكترونية عارمة وذلك قبيل أكثر من أسبوعين من موعد الذكرى.
ما أن يقوم أحدهم بجعل إطار شعار ثورة سبتمبر على بروفايله وإلا وتنهال عليها "اللايكات" والتعليقات" "دمت سبتمبريا"، سبتمريون على العهد، قامة سبتمبرية" وكأن رواد مواقع التواصل يؤدون واجبا مقدسا بصنيعهم هذا.
كان قد خفت الاحتفاء بثورة سبتمبر خلال السنوات، لكنه عقب دخول الحوثيين صنعاء في العام 2014، عاد لثورة سبتمبر وهجها من جديد فيما يبدو، وعاد اليمنيون يتهجّون أهدافها من جديد، ويتبادلونها على مواقع التواصل، معتبرين أن "أنهم سينتصرون لثورة سبتمبر الأم "ثورة الأجداد"، ضد الإماميين الجُدد مهما كلفهم الثمن، وأن أول معالم الانتصار يبدأ من الابتهاج بها على مواقع التواصل، والتعريف بأهدافها ومبادئها" . مؤكدين في السياق أن الصراع القائم اليوم هو بين الجمهوريين والإماميين لا أكثر، مستحضرين أدبيات شعراء اليمن الجمهوريين الكبار كالبردوني والفضول والزبيري، وأبطالها كعلي عبد المغني وغيرهم.
ومهما تكن الاحتفالات التي تكبر وتنمو كل عام بثورة سبتمبر، فإنه لا مفر من طرح تساؤل يبدو منطقيا إلى حد ما، هل الاحتفاء بثورة الاحتفاء بثورة سبتمبر على منصات التواصل الاجتماعي.. انتصار للجمهورية.. أم بحث عن الخلاص من الحرب؟
مواقع التواصل مؤشر للقادم
يقول الكاتب والمحلل السياسي فيصل في تصريح خاص ل"مسند للأنباء" إن مواقع التواصل الاجتماعي التي تحتفي بثورة سبتمبر، هي مجرد أدوات إعلامية معبرة عن رغبة الناس في بناء دولتهم، وأن الإعلام بوسائله الاجتماعية يشكل الوعي وهو مؤشر لما هو قادم، ومعركة الوعي أهم المعارك على الإطلاق ومن ينتصر فيها فما بعدها أسهل، مشيرا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن نضج فكرة الهوية اليمنية والتي ستبنى الدولة اليمنية وفقا لها.
ويضيف: أن" وسائل التواصل الاجتماعي أدوات إعلامية سهلة وبسيطة ومجانية الاستخدام سهلت للناس التعبير عن ذاتهم اليمنية عن هويتهم عن قضيتهم وكذلك للرد على الخرافة والكهنوت وأنصار الإمامية الجدد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ذاتها".
وتابع: أنه في ظل الانقلاب الامامي الذي أعاد الكهنوت إلى الواجهة بعد أن كان متخفيا في مفاصل الدولة منذ سبعينيات القرن الماضي، يكون الاحتفاء بثورة اليمنيون في 26 سبتمبر ضد حكم الأقلية العنصرية الطائفية، استعداء للشعب اليمني للنهوض من كبوته، هذا الاستدعاء يأخذ اشكالا متعددة كالأنماط الثقافية والاجتماعية والسياسية والتاريخية والاعتزاز بكل ما هو يمني من قيم ومن موروث ثقافي وحضاري.
*ليس له علاقة بالحرب
ويرى الكاتب فيصل علي أن "الاحتفاء بثورة سبتمبر على مواقع التواصل ليس له علاقة بإيقاف الحرب". معتبرا أن "المبالغ بالاحتفال بثورة سبتمبر ليس هروبا من الحرب وإنما إعلاما بأنها ليست في المستوى المطلوب شعبيا فهي حرب ملزمة بقواعد سياسية إقليمية ودولية وليست حرب اليمنيين اللازمة للانتقام من الهاشمية السياسية التي عملت على اختراق الدولة والأحزاب ومهدت للانقلاب".
وأشار فيصل علي إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أدوات إعلامية سهلة وبسيطة ومجانية الاستخدام سهلت للناس التعبير عن ذاتهم اليمنية عن هويتهم عن قضيتهم وكذلك للرد على الخرافة والكهنوت وأنصار الإمامية الجدد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ذاتها.
وأكد أن "الانقلاب الذي أعاد الهاشمية السياسية للواجهة عبارة عن صدمة لكل يمني، وهو فعل لزمه رد فعل أشد، الحرب التي يعيشها شعبنا ماهي إلا جزء من ردة الفعل اليمنية وليست كل ردة الفعل، حتى إذا انتهت الحرب من المتوقع ان تأخذ ردة الفعل اشكالا أخرى كالثأر وتصفية دعاة الهاشمية السياسية ومنتسبيها".
* معركة أخرى ضد الإمامة
وبالمحصلة فإن هناك إجماعا بأن الاحتفال بثورة سبتمبر، ليس له أي ارتباط بإيقاف الحرب، بل تعبير عن واقع للحالة اليمنية اليوم، التي تجد في مواقع التواصل متنفسا ومساحة للتعبير عن هويتها وقضاياها.وكما أسقطت مواقع التواصل أنظمة عربية مستبدة في العام 2011 في ثورات الربيع العربي، فإن اليمنيين اليوم يبدؤون بإسقاط الانقلاب بإهالة التراب على مساوئه في مواقع التواصل، وإعادة الوهج والاعتبار لثورة سبتمبر تلك، بالتوازي مع معارك الجيش الوطني(الجمهوري) على الأرض. وهي معركة مفصلية وملحمة كبرى يخوضها اليمنيون عبر خطين متوازيين، حتى يتم وئد المشروع "الإمامي-السلالي" إلى الأبد، وحتى لا يطل برأسه من جديد ويتسلل بصورة مفاجئة إلى الواجهة مرة أخرى.
تزداد احتفالات اليمنيين على منصات التواصل كل يوم تزامنا مع اقتراب ذكرى سبتمبر، ويدونون أفكارهم وخواطرهم، وينبشون في التاريخ عن الحال الذي كان يعيشه الشعب اليمني قبيل اعلان الجمهورية، وما لاقه اليمنيون من ضيم واضطهاد من الأئمة. ويجمعون أن خط الجمهورية ومسارها بات معلوم وواضح المعالم اليوم، وأن الصراع الممتد منذ سنوات في البلد، ما هو إلا تجسيد بين من يقف مع وضد الجمهورية فحسب.