تغيير المقدشي ... الاطاحة بحقبة عسكرية بالغة التعقيد في الجيش اليمني

2017-09-05 00:11:30



- خاص الثلاثاء, 05 سبتمبر, 2017 03:06 صباحاً

أطاح قرار جمهوري للرئيس عبدربه منصور هادي باللواء الركن محمد علي المقدشي من منصبه كرئيس لهيئة الأركان العامة للجيش اليمني وتعيين العميد ركن د. طاهر علي عيضة العقيلي رئيساً لهيئة الأركان العامة مع ترقيته الى رتبة لواء.
 
يعد العقيلي ثاني ضابط في الجيش يتولى هذا المنصب في ظل الظروف التي تعيشها اليمن، وحالة الحرب التي تخوضها البلاد منذ نحو ثلاثة أعوام، مع الجانب الانقلابي ممثلا بمليشيا الحوثي وقوات صالح المتحالفة معها.
 
تدرج المقدشي في مواقع عسكرية كثيرة إبان فترة حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وبعد الثورة الشعبية جرى تعيينه قائدا للمنطقة العسكرية السادسة في العاشر من أبريل/نيسان من العام 2013م، وظل فيها حتى الـ12 من يوليو/تموز 2014م، حين جرى اقالته وتعيين اللواء الركن محمد الحاوري، خلفا له، والذي توفي متأثرا بجراحه في القصف الذي استهدف صالة عزاء بالعاصمة صنعاء في العام 2016م.
 
عند انطلاق عاصفة الحزم العسكرية في اليمن من قبل التحالف العربي في العام 2015م، جرى تعيين المقدشي رئيسا لهيئة الاركان العامة في الجيش اليمني، وهي المهمة التي ظل فيها، ومثل خلالها الرجل الاول في الجيش، خاصة مع عدم تعيين الشرعية وزيرا للدفاع رغم التغييرات المستمرة في رؤساء واعضاء الحكومة اليمنية المتعاقبة.
 
تولى المقدشي رئاسة هيئة الاركان في وقت لم يعد فيه أي تواجد للجيش اليمني، بعد الحرب التي قادتها المليشيا الانقلابية ونهبها لمعسكرات الجيش، وعزلها للضباط المؤثرين فيه، واخضاع كافة الوحدات العسكرية في المناطق التي وصلتها لتصرفها، وأهدافها.
 
وبالتزامن مع انطلاق العمليات العسكرية الجوية للتحالف العربي بدأت الحاجة تلح في ضرورة انشاء قوات عسكرية يمنية تكون مساندة ميدانيا في المعارك التي يخوضها التحالف العربي ضد الانقلابيين.
 
كانت مناطق حضرموت ومأرب هي الجغرافيا المناسبة لإنشاء النواة الاولى لما بات يعرف لاحقا بالجيش الوطني، فقد عمل المقدشي مع ضباط آخرين في الجيش على انشاء وتشكيل وحدات عسكرية، من مجندين جدد، ومن الجنود والضباط السابقين الذين تمكنوا من تجاوز المليشيا والانتقال الى الجيش المؤيد للشرعية.
 
تشكلت الكثير من الوحدات العسكرية، وتوسعت بشكل كبير، وكان لذلك تأثيرا ايجابيا في الجانب الميداني، رغم الاخطاء والقصور الذي هيمن على اداءها.
 
وخلال فترة الحرب تحول المقدشي الى حلقة الوصل بين قيادة قوات التحالف العربي المساند للشرعية، والقيادة العليا للجيش اليمني، وقيادات الالوية الميدانية، وهو ما جعله محور الاهتمام، وشخصية عسكرية تلم بالكثير من اسرار وخفايا الحرب، وتفاصيلها اليومية، ورجالها المؤثرين.
 
وعلى الرغم من تلك الخطوات فإن قرار الاطاحة بالمقدشي يعكس العديد من الدلالات والمؤشرات التي تتعلق بالماضي، وبالمستقبل ايضا.
 
فخلال الفترة الماضية تم تحميل رئاسة هيئة الاركان المسؤولية عن الضربات الجوية الخاطئة التي أوقعت العديد من الضحايا، ونالت من سمعة التحالف العربي، وجعلته مادة للصحافة الدولية والمنظمات الحقوقية حول العالم.
 
كما طالت المقدشي العديد من التهم حول قضايا الفساد المالي في الجيش، وتعيين اقاربه في مفاصل حساسة، وتغييب الكوادر المؤهلة، ولعل التقرير الاخير الذي نشر قبل ايام كان مقدمة لقرار الاطاحة به، فقد اشتمل التقرير على معلومات حساسة جرى تسريبها للرأي العام، وتضمن معلومات وتفاصيل دقيقة، من داخل أروقة الجيش.
 
وخلال توليه لرئاسة هيئة الاركان، تعرض الجيش اليمني للنزيف في قيادات الصف الأول، كاللواء عبدالرب الشدادي، وأحمد سيف اليافعي، والعميد أحمد الابارة، وغيرهم من القيادات التي فقدها الجيش، وهو في أمس الحاجة إليها، وهي مسؤولية لا يمكن تحميلها لشخص المقدشي، لكنه حتما يعرف الكثير من ألغاز وخفايا تلك العمليات.
 
بالنسبة لعملية التقدم الميداني للجيش خلال فترة المقدشي خصوصا في جبهة نهم، فقد طالها ايضا العديد من الاتهامات بالتقاعس والتباطؤ، لكن ذلك لا يعود لسياسة المقدشي، بل للعمليات العسكرية للجيش الوطني برمتها، والتي لا تنفصل عن سياق التوجهات العامة لقيادة قوات التحالف العربي.
 
وفي كل الاحوال فالإطاحة بالمقدشي لا تتعلق بشخصه بل بحقبة كاملة مليئة بالأسرار والتفاصيل لأشرس وأهم حرب تعيشها اليمن خلال السنوات الاخيرة.
 
ويبقى التساؤل هنا عن إمكانية حدوث تغيير في مجرى الحرب، واداء القوات المسلحة اليمنية تحت قيادة رئيس هيئة الاركان الجديد، أم إن الوضع سيظل في نفس الدائرة.
 
لا يحتاج الأمر الى المراهنة لمعرفة الاجابة، فالايام القادمة ستكشف الكثير.
 



تابعونا علي فيس بوك